عمر عبد الحميد يكتب … أزمة “بلبن” ومناخ الإستثمار في مصر

هل مخالفات “بلبن” تضر بالصحة العامة للمواطن المصري؟ أم مخالفات إدارية للمواصفات والإشتراطات الخاصة بالهيئة ؟
آثار قرار الهيئة القومية لسلامة الغذاء الجمعة الماضية والخاص بإغلاق جميع أفرع محلات ( بلبن وكرم الشام ووهمي و كنافة وبسبوسة وعم شلتت) حالة من الذعر للمستثمرين ورجال الأعمال وفتح الباب للكثير من التساؤلات خاصة ان تلك المحال التجارية حققت نجاحات كبيرة في السنوات الأخيرة وتشهد إقبال من المواطنين.

فهل المخالفات تضر بصحة المواطن المصري وبالتالي تستوجب الإغلاق بلا رجعة غير مأسوف عليها، أم أنها مخالفات يمكن تداركها وتصحيحها؟
الحبس والإغلاق هما العدو الأكبر لجذب الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي، ويرسمان صورة زهنية سيئة لمناخ الأستثمار في مصر، لأنهما يتعلقان بسمعة رجل الأعمال والتي تم بناءها علي مدار سنوات، وبالتالي اتخاذ مثل هذه القرارات يجب ان يكون بحرص شديد وفي أضيق الحدود.
اخترنا لك: “سلامة الغذاء تكشف عن مخالفات غذائية خطيرة في سلاسل “بلبن” و”كرم الشام” و”عم شلتت”
قرار الهيئة القومية لسلامة الغذاء بشأن الإغلاق كان واضحًا لوجود خطورة علي صحة المواطنين، وأن القرار جاء بعد سحب عينات بواسطة اللجان الرقابية من الخامات و المنتجات بالمصانع والفروع ووردت نتائج التحاليل تفيد بوجود بكتريا ممرضه في العديد من المنتجات الغذائية المعده للتداول هذه البكتيريا تُعتبر من الأسباب الرئيسية للتسمم الغذائي، وتؤثر على الجهاز الهضمي بشكل أساسي. كذلك احتوت بعض المنتجات على الوان محظورة دوليا.

بعد يوم واحد من صدور قرار الإغلاق المفاجئ لهذه المنشأت والتي تضم أكثر من 100 فرع ويعمل بها أكثر من 25 ألف عامل (وفقًا للشركة) تدخل رئيس الجمهورية وكلف الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة، والذي اجتمع بدوره مع رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء جميع الإجراءات والشروط التي تحتاج إلى التدقيق والتصحيح من المخالفين، ووجه باستئناف نشاط جميع أفرع سلاسل المنشأت الغذائية التي تم إغلاقها فور التأكد من مطابقتها للمواصفات والشروط الصحية المعلنة من قبل هيئة سلامة الغذاء والاشتراطات الاخرى مع الجهات الاخرى ذات الصلة.
هل تسرعت الهيئة في اتخاذ قرار الغلق الجماعي؟
إذا كان الأمر بالفعل يتعلق بصحة المواطن المصري فهل قرار الإغلاق وحده كافي، أم كان يتعين إحالة الأمر الي النيابة العامة لإتخاذ الإجراءات القضائية ضد المتلاعبين بصحة المواطنين، وهل يحق لهيئة سلامة الغذاء منح المخالف مهلة تتجاوز 10 أيام في أمر يتعلق بصحة المواطن، ومن يتحمل مسئولية إصابة مواطن مصري بحالة تسمم أو وفاة بسبب تلك المنتجات التي وصفتها الهيئة في بيانها بأنها تسبب التسمم وتؤثر علي الجهاز الهضمي وتحتوي علي ألوان محظورة دوليًا.

وإذا كان الأمر يقتصر علي مخالفات في بعض الشروط والمواصفات المطلوبة للعرض والتخزين، التي تنص عليها قوانين ولوائح الهيئة القومية لسلامة الغذاء والشركات المغلق فروعها لم تستجيب في تداركها كما جاء في بيان الهيئة أيضًا انها ابلغت مسئولي محلات بلبن بالمخالفات في 6 إبريل 2025، فمن يتحمل مسئولية تشويه سمعة هذه المنشأت الغذائية؟، وكيف يمكن إعادة ثقة المواطن في منتجاتها، بعد هذه الاتهامات الخطيرة؟، ومن يستطيع إقناع المستثمرين الراغبين في دخول السوق المصري بجودة مناخ الاستثمار في مصر؟.
في رأيي أن الهيئة القومية لسلامة الغذاء للأسف تسرعت في إصدار وتنفيذ قرار إغلاق جميع فروع (بلبن وكرم الشام وكنافة وبسبوسة، ووهمي وعم شلتت)، وكان يجب عليها التأني في اتخاذ مثل هذا القرار واستشارات الجهات الآخري ذات الصلة، الشريكة معها في الرقابة علي القطاع الغذائي، فالأمر لا يرتبط بشركة أو منشأة غذائية مهما بلغت قوتها وعدد فروعها ولكن الأمر يتعلق بمناخ الإستثمار في السوق المصري.
قرار الإغلاق جاء بعد 12 يومًا من تحذير الشركة وتوضيح المخالفات وفقًا لبيان الهيئة وكان يتعين عليها خلال تلك الفترة رفع الأمر الي مجلس الوزراء والمجموعة الاقتصادية، ودراسة تبعيات القرار قبل إصدارة، فإذا كان الأمر يتعلق بالصحة العامة لا يمكن العدول عنه، أما إذا كان مخالفات يمكن تعديلها وتدراكها فكان من الأفضل عدم صدور القرار من الأساس وتوقيع غرامات مالية رادعة وإعلانها للرأي العام ليكون تحذير واضح لتلك المنشأت وغيرها من المخالفين.