مقالات

الدكتور قاسم ذكي يكتب عن تهريب الآثار المصرية (28): متحف اللوفر….جوهرة باريس المتلألئة

متحف اللوفر (Musée du Louvre)، هذا الاسم وحده يكفي ليبعث في الأذهان صورًا لروائع فنية لا تُقدر بثمن، وتاريخ عريق يمتد لقرون. فهو أحد أعظم وأشهر المتاحف الفنية في العالم، ويقع في قلب العاصمة الفرنسية باريس على الضفة اليمنى لنهر السين. يشتهر المتحف بمجموعة ضخمة من الأعمال الفنية والتحف الأثرية التي تغطي حضارات متعددة من مختلف العصور، ويجذب ملايين الزوار سنويًا. ويعتبر أكبر متحف للفن في العالم من حيث مساحة العرض، ومن أهم وأعرق المتاحف العالمية، ويضم مجموعة واسعة من الأعمال الفنية من مختلف الثقافات والحقب التاريخية وأكثر متحف يرتاده الزوار في العالم ويستقبل سنويًا ملايين الزوار من كل أنحاء العالم. فهو كنز لا يقدر بثمن، وهو وجهة لا تفوت لأي زائر لباريس. ففي هذا الصرح العريق، يمكنك أن تستكشف تاريخ البشرية، وتتعرف على أبرز الإنجازات الفنية، وتستمتع بتجربة ثقافية فريدة من نوعها.

في هذا المقال من سلسلة المقالات الإسبوعية عن تهريب الآثار المصرية، نتناول أهم مميزات متحف اللوفر ومحتوياته من الآثار المصرية. 

تاريخ إنشاء المتحف:

في البداية شُيد المتحف كقلعة تحمى مدينة باريس، وبعدها أصبحت مقراً للحكم، ثم متحفاً خالداً يحفظ للبشرية ذاكرتها عبر الأزمان. فقد بدأ متحف اللوفر كقلعة بناها فيليب أوجست عام 1190م (Philippe Auguste؛ 1165م – 1223م؛ كان ملك فرنسا من 1180م إلى 1223م)، وأخذت القلعة اسم المكان الذي شُيدت عليه. وقد تم تحويل القلعة إلى قصر ملكي في القرن السادس عشر، وكان مقر إقامة ملوك فرنسا حتى عام 1682م، عندما انتقل لويس الرابع عشر إلى قصر فرساي. وبعد الثورة الفرنسية (1789م)، تم افتتاح متحف اللوفر للجمهور في 10 أغسطس 1793م كمتحف عام يحتوي على حوالي 537 قطعة فقط. وقد تم توسيع المتحف بشكل كبير على مر السنين، واليوم يضم أكثر من 480,000 قطعة فنية، يُعرض منها حوالي 35,000 فقط في صالات العرض، تمثل حوالي 7% فقط من إجمالي مقتنيات المتحف متاحة أمام الجمهور، بينما تُحفظ البقية في المخازن لأغراض البحث أو الترميم أو التناوب في العروض. تلك تمثل مزيجًا من العمارة التاريخية والحديثة. في العام 1989م، تم افتتاح الهرم الزجاجي في ساحة المتحف، والذي أصبح رمزًا للمكان ومدخلًا رئيسيًا له. صممه المهندس المعماري الأمريكي إي. إم. بيي، ويعد أحد أبرز المعالم المعمارية الحديثة في باريس. تحيط بالمتحف حدائق “تويلري” الملكية، وهي مكان رائع للاسترخاء والتمتع بجمال الطبيعة.

تنوع مقتنيات اللوفر:

ما يجعل متحف اللوفر مميزًا هو تنوع مجموعاته الفنية الغنية. ففي أروقته، تجد نفسك أمام روائع فنية من مختلف أنحاء العالم، بدءًا من الحضارات القديمة مثل مصر واليونان وروما، ووصولًا إلى الفن الإسلامي والفن الأوروبي. يعرض المتحف فقط 35,000 قطعة معروضة موزعة على مساحة 72,735 متر مربع. تنتشر قاعات العرض في المتحف على عدة طوابق، وتضم مجموعة واسعة من الأعمال الفنية، بما في ذلك المنحوتات واللوحات والتحف الأثرية. وتجدر الإشارة إلى أن عددًا كبيرًا من مقتنيات المتحف متاح أيضًا عبر الإنترنت من خلال قاعدة بيانات مجموعاته الرقمية.

تشمل مجموعاته أعمالًا من عصور ما قبل التاريخ وحتى القرن التاسع عشر، وهي مقسمة إلى عدة أقسام، منها: الآثار المصرية – الآثار اليونانية والرومانية – الفن الإسلامي – الفنون الزخرفية – اللوحات (مثل لوحة “الموناليزا” الشهيرة). – التماثيل (مثل تمثال “فينوس دي ميلو”.

اخترنا لك: الدكتور قاسم ذكي يكتب عن تهريب الآثار المصرية (27): الجناح المصري في المتحف البريطاني بلندن

أهم القطع الأثرية في متحف اللوفر:

يعتبر متحف اللوفر كنزًا حقيقيًا للفنون والتاريخ، ويضم مجموعة هائلة من القطع الأثرية التي تغطي مختلف الحضارات والعصور. من الصعب حصر أهم القطع في عدد محدد، حيث يعتمد ذلك على اهتمامات كل زائر.

إلا أن بعض القطع تعتبر أيقونات عالمية، ومنها:

  • الموناليزا (Mona Lisa): بلا شك، أشهر لوحة في العالم، رسمها “ليوناردو دا فينشي” (Leonardo di ser Piero da Vinci، 1452م- 1519م )، وتعتبر أيقونة لفن عصر النهضة. ابتسامتها الغامضة تستحوذ على اهتمام الزوار وتثير الكثير من التساؤلات.
  • فينوس دي ميلو (Venus de Milo): تمثال يوناني قديم يمثل “فينوس” إلهة الحب والجمال، ويتميز بجماله الكلاسيكي وأناقته.
  • تمثال النصر المجنح: يُعرف بـ”نايك من ساموثراس”، وهو واحد من أشهر التماثيل في العالم، ويعتبر تحفة فنية فريدة من نوعها. يعود تاريخ هذا التمثال إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وهو يمثل إلهة النصر اليونانية “نايك” وهي تحلق فوق السفينة.
  • تمثال أبو الهول المصري: شاهدة على عظمة الحضارة المصرية القديمة، ويعتبر من أهم القطع الأثرية المصرية الموجودة خارج مصر.
  • تمثال الكاتب الجالس: تمثال مصري قديم يصور كاتبًا في وضعية الجلوس، ويتميز بواقعيته وتفاصيله الدقيقة.
  • مسلة حمورابي: عبارة عن عمود أسطواني الشكل من حجر الديوريت الأسود، يبلغ ارتفاعها حوالي 225 سم وقطرها 60 سم. وقد تم نقش عليها أكثر من 282 قانونًا باللغة البابلية المكتوبة بالأحرف المسمارية. هذه القوانين تغطي جوانب عديدة من الحياة اليومية، مثل الزواج والطلاق والتجارة والعقارات والجرائم والعقوبات..
  • لوحة حفل الزفاف في قانا (Wedding at Cana): لوحة ضخمة لفرانسوا بوشيه (François Boucher، 1703م – 1770م ) تصور قصة الكتاب المقدس، وتعتبر من روائع الفن الباروكي.
  • لوحة “الحرية تقود الشعب” (Liberty Leading the People): لوحة تاريخية للرسام الفرنسي ” أوجين ديلاكروا ” (Eugène Delacroix، 1798م-1863م) تصور ثورة يوليو 1830م في فرنسا، وتعتبر رمزًا للثورات الشعبية.

بالإضافة إلى هذه القطع، يضم المتحف العديد من الكنوز الأخرى، مثل:

  • مجموعة واسعة من الآثار المصرية: تشمل تماثيل للملوك والملكات، ومجوهرات، وأدوات منزلية، وأعمال فنية جدارية.
  • تحف فنية يونانية ورومانية: تماثيل، منحوتات، فازات، وأواني.
  • فن إسلامي: سجاد، خزف، زجاجيات، وخطوط عربية.
  • فنون أوروبا: لوحات، منحوتات، وأعمال فنية من مختلف العصور.

الدكتور قاسم ذكي يكتب عن تهريب الآثار المصرية (26): المتحف البريطاني وتاريخ البشرية

 

 

وهناك نصائح لزيارة المتحف، فمكان المتحف في شارع ريفولي، بمدينة الجن والملائكة “باريس”، فرنسا. وأقرب محطة مترو هي  Palais Royal – Musée du Louvre (الخط 1). والمتحف مفتوح يوميًا ما عدا يوم الثلاثاء، من 9 صباحًا حتى 6 مساءً (أما الخميس حتى 9:45 مساءً) والدخول مجاني للزوار دون 18 سنة، وسكان الاتحاد الأوروبي دون 26 سنة.

وعلى الزائر أن يعلم أن زيارة متحف اللوفر هي أكثر من مجرد مشاهدة الأعمال الفنية، إنها رحلة عبر الزمان والثقافات. فيمكن للزائر أن يستمتع بالتجول في القاعات الفسيحة، والاستمتاع بمشاهدة التحف الفنية عن قرب، والتعرف على قصصها وحكاياتها. ونظراً لكبر حجم المتحف، يُنصح بتخطيط الزيارة وتحديد الأقسام التي يرغب بزيارتها. فستحتاج إلى المشي لمسافات طويلة داخل المتحف لذا يفضل ارتداء أحذية مريحة. ويمكن حجز جولات إرشادية للتعرف على تاريخ المتحف وأهم القطع الفنية. كما يمكن متابعة الأحداث والفعاليات التي تقام في المتحف؛ مثل المعارض المؤقتة والورش الفنية.

دكتور قاسم زكى؛

 أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنيا،

عضو اتحاد الأثريين المصريين، وعضو اتحاد كتاب مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى