مقالات

الدكتور قاسم ذكي يكتب عن تهريب الآثار المصرية (7- أ)… مسلات مصرية في ميادين أوربية وأمريكية

مسلسل تهريب المسلات المصرية للخارج، كباقي قطع الآثار المصرية، بدأ منذ قرون ما قبل الميلاد ولكنه انتهي مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، وليس كبقية القطع الأصغر حجما، والتي مازال نزيفها مستمرا حتى اليوم. وكان في مصر ما لا يقل عن مئة مسلة ضخمة، لم يتبق منهن حتى اليوم سوى 13مسلة، منهن سبع مسلات نقلن داخل مصر من أماكنهن الأصلية، بينما ست لا يزلن في مواقعهن الأصلية، بينهن اثنتين معطوبتين وأربع فقط ما زلن يحتفظن بسلامتهن ورونقهن.

اخترنا لك : الدكتور قاسم ذكي يكتب عن تهريب الآثار المصرية (6)… حتى المسلات العملاقة هُربت للخارج

أما تلكم الأربع المنتصبات في أماكنهن الأصلية فهن مسلة رمسيس الثاني في معبد الأقصر، وهناك اثنتين في مجمع معابد الكرنك بمدينة الأقصر أيضا، ومسلة سنوسرت الأول في المطرية بشرق القاهرة. أما المسلات الخمس اللاتين نُقلن من مواقعهن الأصلية إلى مواقع آخري وانتصبن فيها داخل مصر، فأولهن مسلة “أبجيج” لسنوسرت الأول في مدخل مدينة الفيوم؛ كما نقلت ثلاث مسلات لرمسيس الثاني من “تانيس” (صان الحجر الحالية بمحافظة الشرقية) إلى القاهرة. الأولى تم إقامتها في حديقة الأندلس بالجزيرة بالزمالك، والثانية في مطار القاهرة الدولي، والثالثة نصبت حديثا في ميدان التحرير بقلب القاهرة. أما الخامسة المنقولة فقد حظيت بصخب إعلامي كبير حاليا لأنه تم تعليقها!

المسلة المعلقة:

والخامسة التي نقلت من مكانها الأصلي هي المسلة المعلقة التي تزين ساحة المتحف المصري الكبير بهضبة الأهرام. وتم نقلها عام 2021م الى هذا المتحف من منطقة صان الحجر أيضا، وهي تعود للملك العظيم رمسيس الثاني، وطولها 16 متراً، ويبلغ وزنها بالقاعدة الأثرية نحو 110 أطنان، وكانت مكسورة الى ثلاثة أجزاء حيث تم ترميمها كما كانت. إن تصميم موقع المسلة المعلقة يسمح للزائر أن يسير على أرضية زجاجية تتيح له رؤية الجانب السفلي من قاعدة المسلة للمرة الأولى، وإذا رفع نظره للأعلى سيرى على ارتفاع 3 أمتار خرطوش الملك رمسيس الثاني الذي يظهر أسفل قاعدة المسلة المعلقة على أربعة أعمدة، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض القاعدة الأثرية الأصلية للمسلة، ومن المرجح أن معظم المسلات كانت تحمل اسم الملك الذي أمر بنحتها. كما يرى الزائر اسم مصر محفورا على أعمدة القاعدة الحاملة للمسلة بكل لغات العالم.

اخترنا لك : الدكتور قاسم ذكي يكتب عن تهريب الآثار المصرية (5)..”باسر” و “باورو” حكام طيبة وسرقة المقابر الملكية

وننظر بكل الأسي والحزن للمسلتين الباقيتين في مكانهما معطوبتين، فالعاشرة لحتشبسوت وتدعى “الشوكة الرنانة” أو “المسلة المكسورة» وهي راقد جزئها الأعلى فقط على ضفاف البحيرة المقدسة في معابد الكرنك بالأقصر. أما المسلة الحادية عشر التي مازلت على ارض المحروسة، بل لم تتحرك من مكان ولادتها في محجر أسوان، فهي ما تعرف “بالمسلة الناقصة”. وهي واحدة من أبرز المعالم الأثرية في مصر، بل وفي العالم أجمع. تُعتبر هذه المسلة أكبر مسلة تم نحتها على الإطلاق (طولها 41.75 متر، ووزنها 1168 طن)، ولكنها ظلت غير مكتملة، مما يجعلها لغزًا يثير فضول الباحثين والزوار على حد سواء. سميت بالمسلة بالناقصة لأنه تم التوقف عن نحتها قبل اكتمالها، ولم يوضح التاريخ السبب الدقيق وراء ذلك. يُعتقد أن هناك عدة عوامل ربما قد أدت إلى ذلك، منها عيب في الحجر نفسه أو تغيير الخطط أو مشكلة تقنية.

أكبر عدد من المسلّات المصرية

والمسلات المصرية الأحد عشر الباقيات هذه، للأسف لا تلقى منا من الحفاوة ما تستحقه، بينما نرى أخواتهن المسلات المهاجرة في مدن العالم الخارجي، في إسطنبول وروما وباريس ولندن ونيويورك، تلقى عناية فائقة تليق بها على يد هؤلاء الغرباء الذين يقيمون الاحتفالات في ساحاتها وميادينها، ولا يكفون عن رعايتها بما تستحق، مع المزيد من الدراسات عنها أو للحفاظ عليها.

ومن الطريف أن أكبر عدد من المسلّات المصرية في العالم موجود حاليا في إيطاليا (ليس في مصر)، إذ يوجد فيها ثلاث عشرة مسلّة منتصبة، منها ثمان مسلّات في مدينة روما وحدها، يبلغ طول أعلاها نحو سبعة وأربعين متراً. وفي فرنسا توجد أربع مسلّات فرعونيّة، وفي مدينة إسطنبول التركيّة (القسطنطينية البيزنطية سابقا) مسلّتان فرعونيّتان، وفي مدينة لندن مسلّة واحدة فرعونيّة، وفي مدينة نيويورك مسلة واحدة فرعونيّة.

أما عن مسلسل تهريب المسلات المصرية للخارج فسوف يكون حديثنا القادم بإذن الله (7-ب).

دكتور قاسم زكى؛

 أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنيا،

وعضو اتحاد الأثريين المصريين، وعضو اتحاد كتاب مصر

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى