المعايير الأوروبية لسلامة الغذاء تهدد خطط واشنطن لزيادة صادراتها الزراعية
مواجهة محتملة بين نموذجين زراعيين: الإنتاج الصناعي الأمريكي مقابل الزراعة الأسرية الأوروبية
سلّطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على أزمة تجارية متصاعدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تتمحور حول المعايير الصارمة التي يفرضها الأوروبيون على سلامة الغذاء، والتي تمثل، بحسب الصحيفة، “عقبة أساسية” أمام مساعي واشنطن لتوسيع صادراتها من لحوم الأبقار والدواجن إلى السوق الأوروبية.
بلجيكا نموذجًا: لحوم من دون هرمونات وقواعد تنظيمية مشددة
ذكرت الصحيفة في تقريرها الصادر اليوم الأحد أن الجزارين في بلجيكا يعملون وفق لوائح تنظيمية أوروبية صارمة تمنع استخدام الهرمونات والمنشطات في تربية المواشي. هذه الممارسات تعكس التزامًا أوروبياً يُعد من بين الأكثر صرامة في العالم في مجال سلامة الغذاء.
الاتحاد الأوروبي يضع “خطًا أحمر” في المفاوضات
أكد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أولوف جيل، أن الاتحاد الأوروبي يعتبر معايير السلامة الغذائية غير قابلة للتفاوض، موضحًا أن هذه اللوائح تمثل “خطاً أحمر” لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات تجارية، خصوصاً ما يتعلق باستخدام المواد الهرمونية والمنشطة.
أمريكا تضغط: لحومنا “أفضل” وهدفنا التوسع
في المقابل، تصر الإدارة الأمريكية على أن منتجاتها الزراعية، وخاصة اللحوم والدواجن، تتمتع بجودة عالية، وتدفع باتجاه فتح السوق الأوروبية أمام صادراتها، ضمن حزمة مطالب أوسع تشمل الغاز والسيارات وتخفيف الضوابط الرقمية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.
تنازلات أوروبية دون المساس بسلامة الغذاء
رغم الاستعداد الأوروبي لتقديم بعض التنازلات التجارية، كإلغاء الرسوم على السيارات وزيادة واردات الغاز الأمريكي، فإن المسؤولين في بروكسل يرفضون تمامًا أي مساس بالمعايير الصحية والغذائية، في ظل قلق واسع من تأثير اللحوم الرخيصة على المزارعين المحليين.
ردود أوروبية محتملة: رسوم انتقامية على اللحوم الأمريكية
وتشير الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرس خيارات رد على أي تصعيد تجاري محتمل، من ضمنها فرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات أمريكية زراعية مثل لحوم الأبقار والخنازير والصويا، ما ينذر باتساع هوة الخلاف بين الطرفين.
حصة محدودة للحوم الأمريكية الخالية من الهرمونات
وتتيح الاتفاقيات الحالية حصة محددة للولايات المتحدة لتصدير لحوم أبقار خالية من الهرمونات إلى أوروبا دون رسوم جمركية، إلا أن هذه الكمية لا تفي بطموحات المزارعين الأمريكيين، الذين يفضلون التصدير إلى أسواق لا تفرض مثل هذه القيود التنظيمية.
نموذج زراعي متناقض: صناعي مقابل عائلي
تُبرز الأزمة، وفق تقرير “نيويورك تايمز”، تناقضًا بنيويًا بين نموذجين زراعيين، حيث يعتمد النموذج الأمريكي على إنتاج صناعي واسع النطاق، في حين تدافع أوروبا عن نموذجها القائم على حماية المزارع العائلية الصغيرة، التي يبلغ عددها حوالي 9 ملايين مزرعة، مقارنة بـ 2 مليون مزرعة فقط في الولايات المتحدة.
تحذيرات من إقصاء المزارعين الأوروبيين
ويحذّر المزارعون الأوروبيون من أن فتح الأسواق أمام لحوم أمريكية منتجة بطرق أقل كلفة قد يؤدي إلى خروجهم من السوق.
وقال دومينيك شارجيه، رئيس اتحاد التعاونيات الزراعية في فرنسا: “لا يمكننا قبول منتجات لا تحترم معايير إنتاجنا”.
بين اللوائح والرسوم.. اللحوم الأمريكية غائبة عن المتاجر الأوروبية
واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن اللحوم الأمريكية ما زالت بعيدة عن أرفف المتاجر الأوروبية، بفعل القيود الصحية والجمركية المعقدة، فيما ينتظر المزارعون والمستهلكون على الجانبين نتائج هذه المعركة التجارية المرتقبة.
