منوعات

تواجه خطر الانقراض : اختفاء الحمير من مصر يثير القلق

في احتفالات اليوم العالمي لـ الحمار لعام 2025، تصدّر ملف تناقص أعداد الحمير أو اختفاء الحمير في مصر مشهد النقاشات البيئية والزراعية، بعد أن كشفت بيانات رسمية تراجع أعداد الحمير من أكثر من 3 ملايين حمار خلال التسعينيات إلى أقل من مليون حمار فقط في 2025، وفقًا لما أعلنه حسين أبو صدام، نقيب عام الفلاحين.

الحمار.. رفيق الفلاح الذي انقرض تقريبًا

 

لطالما كان الحمار شريكًا أساسيًا للفلاح المصري، ينقل المحاصيل ويحرث الأرض ويؤدي مهامًا لا غنى عنها. إلا أن العقود الأخيرة شهدت تحولًا جوهريًا في أنماط الزراعة والنقل داخل الريف، مع انتشار الجرارات والتوك توك كبدائل أسرع وأكثر كفاءة.

ومع ارتفاع تكاليف تربية الحمير، من أعلاف ورعاية بيطرية، أصبح وجوده عبئًا ماديًا، ودفع الكثيرين إلى التخلي عنه أو بيعه بأسعار زهيدة تتراوح بين 5 آلاف و15 ألف جنيه.

تجارة جلود الحمير: من الزراعة إلى السوق السوداء

 

السبب الأخطر وراء تناقص أعداد الحمير يكمن في الطلب المتزايد عالميًا على جلودها، خصوصًا من الصين، حيث تُستخدم في إنتاج مادة “إيجياو”، وهو نوع من الجيلاتين يدخل في الطب التقليدي، منشطات جنسية، مستحضرات تجميل، وحتى حلويات.

ووفق تصريحات نقيب الفلاحين، يتم تصدير جلد الحمار الواحد بما يتراوح بين 300 إلى 600 دولار، بينما يصل سعر الحمار الحي أحيانًا إلى 1000 دولار، مما حفّز تجارًا غير شرعيين على ذبح الحمير وتهريب جلودها.

اختفاء الحمير .. التصدير الرسمي لا يغطي الجشع غير القانوني

 

رغم أن وزارة الزراعة المصرية تسمح بتصدير عدد محدود من جلود الحمير سنويًا بشكل رسمي، إلا أن التهريب يشهد ازدهارًا بسبب الأرباح الكبيرة. وقد شهدت قرى مصرية عدة حوادث مروعة، أبرزها في المنوفية عام 2021، حيث تم العثور على أكثر من 100 حمار مذبوح ومسلوخ، مما أثار مخاوف بشأن تسرب لحوم الحمير إلى الأسواق.

لحوم الحمير في المطاعم: أزمة غذائية وأخلاقية

 

تصريحات نقيب الفلاحين أثارت القلق حين أكد تسرب لحوم الحمير إلى بعض المطاعم. وقال إن ذبح الحمير بشكل غير قانوني لأغراض تجارية أصبح واقعًا، حيث تُباع لحومها بأسعار زهيدة وتُستخدم في إعداد وجبات مثل الكباب والكفتة.

وقد نجحت مباحث التموين في ضبط كميات من هذه اللحوم، إلا أن غياب الرقابة الدائمة ما يزال يشكل خطرًا على سلامة الغذاء.

ارتفاع التكاليف وفقدان الجدوى الاقتصادية

ارتفاع أسعار العلف والمواد البيطرية جعل من تربية الحمار خسارة اقتصادية للفلاحين، خاصة مع انعدام الدعم الحكومي، في وقت أصبحت فيه الآلات الزراعية الحديثة أكثر فاعلية وأقل كلفة على المدى الطويل.

اختفاء الحمير وخطر الانقراض يلوح في الأفق

 

حذّرت جمعيات حماية الحيوان، ومنها “الملاذ الآمن للحمير” وجمعية رعاية الدواب، من أن استمرار ذبح الحمير بهذا المعدل قد يؤدي إلى انقراضها في مصر خلال 20 عامًا.

ووفقًا لمنظمة صحة الحيوان الدولية، يُذبح 1.8 مليون حمار سنويًا حول العالم، وتُعد مصر من أكثر الدول تأثرًا بهذه الظاهرة، مع تهديدات مباشرة للتوازن البيئي والتراث الريفي.

دعوات للحظر وإعادة التنظيم

 

دعا أبو صدام إلى وقف تصدير جلود الحمير تمامًا أو تصديرها حية لا مذبوحة، مع دفن صحي للجثث أو توجيهها لحدائق الحيوان، تجنبًا لتسرب اللحوم إلى الأسواق.

كما طالب بوضع خطط قومية لتنظيم تربية الحمير بشكل مستدام، وحث على نشر ثقافة احترام هذا الحيوان، والتذكير بأهميته الاقتصادية والاجتماعية في تاريخ مصر الريفي.

مستقبل الحمار بين الاندثار وإعادة التقدير

 

بينما يُنظر للحمار في بعض المجتمعات بازدراء، بدأت دول متقدمة تعيد تقييم قيمته، حيث يُستخدم حليب الحمير في صناعة صابون ومستحضرات تجميل باهظة الثمن، وتُستخرج من جلوده مركبات طبية عالية القيمة.

نهاية حزينة لحيوان كان رمزًا للصبر

 

اختفاء 2 مليون حمار من مصر ليس مجرد تراجع رقمي، بل كارثة بيئية وثقافية واقتصادية تهدد بفقدان رمز من رموز الريف المصري. ويكمن الحل في تشديد الرقابة، تطوير الوعي، وتحفيز الفلاحين على الاحتفاظ بالحمار كعنصر فاعل في البيئة الزراعية قبل أن ينقرض تمامًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى