الدولار لم يعد ملاذًا آمنًا .. الرسوم الجمركية ترتد فى صدر “ترامب”
الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تُشعل أزمة عملات عالمية

منذ إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على مجموعة من الدول، بدأ الدولار الأميركي في التراجع الحاد، ما أثار سلسلة من التداعيات الاقتصادية العالمية، وسط قلق متزايد من تأثير ضعف العملة الأميركية على التجارة العالمية والنمو الاقتصادي.
ضغوط مضاعفة على البائعين الأجانب والبنوك المركزية

الانخفاض في قيمة الدولار لم يقتصر تأثيره على السوق الأميركية فحسب، بل تحول إلى أزمة مزدوجة بالنسبة للبائعين الأجانب الذين يعانون بالفعل من تبعات الرسوم الجمركية. كما أصبح ارتفاع قيمة العملات الأجنبية الأخرى يشكل ضغطًا على البنوك المركزية حول العالم، التي وجدت نفسها مضطرة لتبني سياسات نقدية أكثر تيسيرًا.
تراجع تاريخي في مؤشر الدولار
سجل الدولار الأميركي، أمس الأربعاء، انخفاضًا جديدًا مقابل عدد من العملات الرئيسية، منها اليورو والين الياباني والفرنك السويسري. وانخفض مؤشر الدولار “ICE”، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة عملات، بنسبة 8% منذ بداية العام، وهو أسوأ أداء له منذ أربعة عقود.
تأثيرات سلبية على الشركات العالمية
حذّر خبراء اقتصاديون من أن تراجع الدولار يؤدي إلى تقليص أرباح الشركات الأجنبية عند تحويل إيراداتها من السوق الأميركية إلى عملاتها المحلية.

وقال “ديريك هالبيني”، رئيس أبحاث الأسواق العالمية في بنك MUFG، إن تأثير ضعف الدولار “سلبي بوضوح” على المصدرين.
على سبيل المثال، توقعت تويوتا اليابانية تراجعًا في أرباحها نتيجة ارتفاع قيمة الين مقابل الدولار، وهو ما أثّر أيضًا على شركات أوروبية مثل برادا وLVMH في قطاع السلع الفاخرة، وكامباري وبيرنو ريكارد في قطاع المشروبات.
خفض التوقعات في أوروبا
خفض دويتشه بنك توقعاته لأرباح الشركات المدرجة في مؤشر “ستوكس أوروبا 600″، من 6% إلى 4%، مشيرًا إلى ضعف الطلب وقوة اليورو. كما لمّح إلى إمكانية خفض التوقعات مجددًا إذا استمرت العملة الأوروبية عند مستوياتها الحالية.
المستثمرون يتخلون عن الأصول الأميركية
بسبب التخبط في السياسة التجارية الأميركية، بدأ المستثمرون في بيع أصولهم المقومة بالدولار وتحويلها إلى عملات محلية، مما أدى إلى مزيد من الارتفاع في تلك العملات، وإلى تراجع الثقة في الدولار كملاذ آمن في أوقات الأزمات.
انعكاسات على السياحة والتضخم العالمي

يتوقع خبراء اقتصاديون أن يؤدي ضعف الدولار إلى انخفاض أعداد السياح الأميركيين، الذين استفادوا في السابق من قوة عملتهم للسفر إلى وجهات مثل إسبانيا واليابان، مما قد يؤثر سلبًا على القطاع السياحي في تلك الدول. كما قد تسهم تقلبات العملات في خفض مستويات التضخم العالمية، على عكس الولايات المتحدة التي شهدت زيادة في توقعات التضخم بفعل الرسوم الجمركية.
ضغوط نقدية وتوجهات لخفض أسعار الفائدة

بنك اليابان أوقف مؤقتًا خطط رفع أسعار الفائدة، وألمح إلى احتمال الرد على ما وصفه بـ”السيناريو السيئ” نتيجة الرسوم الجمركية. وفي الصين، سمحت الحكومة بتراجع اليوان إلى أدنى مستوياته منذ سنوات، في خطوة وصفها خبراء بأنها قد تؤدي إلى مزيد من التوتر في الأسواق المالية العالمية.
الشركات الصغيرة في مهب الريح
أبدت شركات تصديرية صغيرة مخاوفها من مستقبل التجارة مع الولايات المتحدة. وقالت “مارغريت ماكليود”، المديرة التنفيذية لشركة “هاريس تويد هيبريدس” البريطانية:
“ضعف الدولار يزيد من تعقيد التجارة، خصوصًا بالنسبة لشركات تعتمد بشكل رئيسي على التصدير.”