اقتصاد مصر

أموال “عالقة” في إفريقيا؟ منصة PAPSS تتحرك لتحرير عشرات المليارات من الدولارات

أزمة قديمة.. وحل حديث يبدأ من داخل القارة

في الوقت الذي تتوسع فيه التجارة الإفريقية بوتيرة متسارعة، لا تزال مشكلة المدفوعات العابرة للحدود تشكّل عائقًا كبيرًا أمام نمو الشركات والاستثمارات، حيث كشف مايك أوجبالو، الرئيس التنفيذي لمنصة الدفع والتسويات الإفريقية PAPSS، عن وجود ما بين 20 إلى 50 مليار دولار مجمّدة داخل أسواق القارة، تعجز الشركات عن استخدامها أو نقلها خارج حدود دولها.

وتلك الأموال – التي يُفترض أن تُوظَّف في التجارة أو الاستثمارات أو حتى دفع رواتب العاملين – بقيت “محبوسة” ببساطة لأن الأنظمة المالية داخل إفريقيا غير مترابطة، والبنية التحتية للدفع ما تزال تعتمد على طرق تقليدية أو مكلفة، لا تناسب طبيعة التجارة الحديثة.

أرباح مجمدة

أوجبالو أوضح خلال مؤتمر صحفي على هامش المعرض الإفريقي للتجارة البينية، أن كثيرًا من الشركات الإفريقية تجد نفسها في مأزق قائلا: “تخيل إنك استثمرت في سوق، وكسبت فيه فلوس، لكن مش قادر ترجّعها لبلدك علشان السوق المستضيف ما بيسمحش إلا بدعم مصرفي معقد أو بطيئ ومن هنا، بدأت منصة PAPSS تتحرك لإصلاح هذا الوضع، وإعادة ضبط طريقة تدفّق الأموال بين الدول الإفريقية، بدون الحاجة لاعتماد دائم على الدولار أو اليورو.

 سوق العملات الإفريقية يفتح “خزائن كانت مقفولة”

واحدة من أكبر إنجازات المنصة كان إطلاق ما يُعرف بـسوق العملات الإفريقية، وهي خطوة تمكنت من تحرير مئات المليارات من الدولارات اللي كانت “عالقة” في أماكن متفرقة. هذه السوق بتتيح للشركات استخدام أموالها داخل القارة بدون تحويلات خارجية، وبدون الحاجة لوجود فعلي في السوق المستقبل.

أوجبالو أكد أن السوق مكّن شركات كبرى، مثل شركات الطيران والتأمين، من إجراء مدفوعات بكفاءة وأمان، داخل وخارج أسواقها، وبدون تعقيدات مرهقة أو تكاليف عالية.

 الربط بين 18 دولة.. وأكثر من 150 بنكًا

حتى الآن، توسعت شبكة PAPSS لتشمل 18 دولة إفريقية من بينها مصر، نيجيريا، كينيا، المغرب، وتونس، بالإضافة إلى 150 بنكًا تجاريًا وأكثر من 14 مفتاح دفع تشمل أنظمة مثل GHIBSS وNIBSS وZimswitch.

هذا التوسع هدفه الرئيسي هو خلق نظام مالي موحد في القارة يسمح بمرونة مالية حقيقية، وتمكين الشركات من التوسع خارج حدودها الوطنية، مع خفض الاعتماد على العملات الأجنبية.

 مش بس للبنوك.. دعم مباشر للشركات الصغيرة والمتوسطة

الميزة المهمة في النظام أنه لا يخدم فقط البنوك أو الكيانات الكبرى، بل يستهدف أيضًا الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs)، وهي العمود الفقري لاقتصادات إفريقيا. فبحسب أوجبالو، النظام يتيح لأي شركة في أي دولة إفريقية إنها تشتغل مع أسواق القارة كلها—يعني مع 1.4 مليار نسمة—بدون ما تغرق في مشاكل التحويلات أو أسعار الصرف.

 تكلفة أقل.. سرعة أعلى.. بدون حوادث احتيال

النظام قلّل من تكلفة المعاملات، وقصّر مدة التحويلات من أيام لأوقات أقل بكثير. والأهم؟ ما فيش أي بلاغات عن عمليات احتيال أو تسرب أمني منذ إطلاقه.

واللي ساعد في ده هو التزام المنصة بأعلى معايير اعرف عميلك (KYC) ومكافحة غسل الأموال (AML)، بالإضافة إلى استخدام تقنيات كشف الاحتيال.

 مش عزل.. إنما تمكين

رغم أن الفكرة تبدو كأنها “انغلاق” مالي، إلا أن أوجبالو أوضح إن المبادرة مش بتعزل إفريقيا عن العالم، بل بالعكس، هي بتقوي التجارة الداخلية علشان تكون القارة أكثر جاهزية للمنافسة عالمياً.

كما كشف أن الخطة المستقبلية تشمل دمج أجهزة الصراف الآلي (ATM) في النظام، علشان تقدر ترسل فلوس لأي مكان في إفريقيا، بل وحتى خارجه، بخطوة واحدة.

 إلى أين تتجه PAPSS؟

الرؤية واضحة: بناء منظومة مالية إفريقية متكاملة، تحفّز التجارة، وتخفض التكاليف، وتعزز العملات المحلية، وتفتح الباب أمام استثمارات أوسع.

وبحسب أوجبالو: “المدفوعات مش بس طريقة لتبادل السلع والخدمات.. دي أداة للتحكم الاقتصادي. ولما نتحكم في أموالنا داخل قارتنا، نقدر نتحكم في مصيرنا الاقتصادي”.

اقرأ في العدد الجديد من نشرة غذائي “101” .. تغطية خاصة للاحتفال باليوم العالمي لسلامة الغذاء تحت شعار “سلامة الغذاء – والتطبيقات العلمية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى