“جاكرتا” تُغامر بأمن الطاقة وتُشعل أسعار الزيوت عالميًا
إندونيسيا تصعّد برنامج الوقود الحيوي

أسعار الزيوت .. في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الحكومة الإندونيسية عن خطط لرفع نسبة مزج الوقود الحيوي إلى 50% اعتبارًا من 2026، ضمن برنامج “بي 50” الذي يهدف لتقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري، وتوفير نحو 20 مليار دولار سنويًا.
لكن هذه الخطوة، رغم فوائدها البيئية والاقتصادية على المدى القصير، أثارت قلقًا واسعًا بشأن تداعياتها المحتملة على أمن الطاقة والغذاء.
أسعار الزيوت تشتعل.. والسبب “بي 50”
تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) كشف أن مؤشر أسعار الزيوت النباتية ارتفع بنسبة 1.4% في أغسطس 2025، ليسجل أعلى مستوى له منذ 3 سنوات، وذلك بسبب اتجاه إندونيسيا لاستهلاك كميات ضخمة من زيت النخيل محليًا بدلًا من التصدير.
هذه الزيادة المفاجئة في الطلب تسببت في رفع أسعار زيوت النخيل، دوار الشمس، وبذور اللفت، رغم استقرار أو انخفاض أسعار زيت الصويا.
أمن الطاقة في خطر؟ دراسة تُحذر
دراسة صادرة عن منتدى شرق آسيا حذرت من أن خطة “بي 50” قد تؤدي إلى عجز في إمدادات زيت النخيل بحلول 2026، بسبب ضغط الاستهلاك المحلي.
كما نبهت إلى أن هذا التوسع المكثف في الوقود الحيوي قد يُفاقم التضخم ويربك ميزانية الدولة، حيث تُخطط الحكومة لإنفاق 2.1 مليار دولار دعمًا للديزل الحيوي في 2025 – بزيادة عن 1.1 مليار في 2023.
غذاء أم وقود؟ صراع يلوح في الأفق

يرى الخبراء أن التوسع في الوقود الحيوي سيخلق منافسة شرسة بين استخدام الزيوت في الطاقة والأغذية، خاصة في ظل اضطرابات مناخية تؤثر على إنتاج المحاصيل، مما يُهدد بتكرار أزمة نقص زيت الطهي التي شهدتها البلاد سابقًا.
سوق عالمي على صفيح ساخن

إندونيسيا وماليزيا تُمثلان معًا 85% من إنتاج زيت النخيل عالميًا. وأي تغيير في سياسات التصدير من جاكرتا يعني بالضرورة اضطرابات في الأسعار العالمية.
وتشير التقديرات إلى أن سوق الزيوت النباتية العالمي بلغ 268.2 مليار دولار في 2023، فيما وصلت قيمة سوق الديزل الحيوي إلى 36.5 مليار دولار، أغلبها معتمد على الزيوت النباتية.
بين الطموح البيئي والواقع الاقتصادي، تقف إندونيسيا على مفترق طرق حاسم. فبينما تُراهن على الوقود الحيوي لتحقيق الاستقلال الطاقي، تُهدد الخطة ذاتها بإرباك السوق المحلي والعالمي، وقد تُكلف جاكرتا أكثر مما توفره.