انخفاض حاد لمؤشر الدولار بسبب المخاوف المحيطة باستقلالية الفيدرالي الأمريكي
شهد مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس قوة العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، انخفاضًا حادًا يوم الاثنين بنسبة بلغت 1.1%، ليصل إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات. يأتي هذا التراجع في ظل تزايد المخاوف بشأن استقرار الاقتصاد الأميركي واستقلالية البنك المركزي، مما أدى إلى تراجع الثقة في العملة الأميركية.
تراجع الدولار كملاذ آمن تقليدي
على غير المعتاد في أوقات تراجع أسواق الأسهم، لم يستفد الدولار من موجة البيع التي شهدتها وول ستريت يوم الاثنين. ففي حين يلجأ المستثمرون عادةً إلى الدولار وسندات الحكومة الأميركية كملاذات آمنة عند تراجع الأسهم، لوحظ هذا الأسبوع اتجاه معاكس، حيث قام المستثمرون ببيع الدولار والإقبال على أصول آمنة أخرى مثل الذهب، الذي سجل ارتفاعًا قياسيًا.
مخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي تهز الدولار عالميا
تراجعت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت بأكثر من 1% يوم الاثنين، وذلك بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب التي انتقد فيها رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. أثارت هذه التصريحات مخاوف واسعة النطاق بشأن استقلالية البنك المركزي وقدرته على اتخاذ قرارات نقدية بمنأى عن الضغوط السياسية، الأمر الذي أربك المستثمرين في ظل تصاعد التوترات التجارية.
وكان المستشار الاقتصادي في البيت الأبيض، كيفن هاسيت، قد صرح يوم الجمعة بأن الرئيس ترامب وفريقه يدرسون إمكانية إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وذلك بعد يوم واحد من تصريح ترامب العلني بأن “إقالة باول لا يمكن أن تأتي سريعًا بما فيه الكفاية”.
وقد انعكست هذه المخاوف على أداء الأسواق، حيث انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.15%، وتراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.20%، وهبط مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.39%.
فقدان الثقة في السياسة الاقتصادية
أشار محللون إلى أن تحركات السوق الأخيرة تعكس فقدان الثقة في السياسة الاقتصادية لإدارة ترامب. وذكر كريشنا جوها، نائب رئيس مجلس إدارة شركة إيفركور آي إس آي، في مذكرة أن “تحركات السوق الأخيرة تظهر فقدان الثقة في السياسة الاقتصادية لترامب”، مشيرًا إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة وضعف الدولار كدليل على ذلك.
كما أكد محللون في ماكواري على “الهروب من الدولار الأميركي”، وعزوا ذلك إلى “المخاوف بشأن استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي” وغياب الإعلانات عن اتفاقيات تجارية جديدة، مما يشير إلى أن المفاوضات بشأن التعريفات الجمركية قد تستمر لفترة طويلة.
ارتفاع عائدات سندات الخزانة وتوقعات الفائدة
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى 4.365% يوم الاثنين، مقارنة بإغلاق يوم الخميس، حيث كانت الأسواق الأميركية مغلقة يوم الجمعة احتفالاً بعطلة الجمعة العظيمة.
يترقب المستثمرون اجتماع مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأسبوع الأول من مايو لتحديد قراره المقبل بشأن سعر الفائدة. وتشير التوقعات الحالية إلى أن نحو 88% من المتداولين يتوقعون أن يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة، وفقًا لأداة CME FedWatch.
وأوضح محللون في مورجان ستانلي أن “باول أكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن يظل في وضع الانتظار والترقب أثناء تقييمه لتأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد”.
الذهب يلامس مستويات قياسية جديدة
في المقابل، ارتفع سعر الذهب يوم الاثنين بأكثر من 2%، مسجلاً أعلى مستوى قياسي جديد عند 3424 دولارًا للأونصة.
يشهد المعدن الأصفر ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي المتزايدة. وقد ارتفع الذهب بأكثر من 27% منذ بداية العام، متجاوزًا مكاسبه خلال العام الماضي بأكمله.
